الصراع المذهبي .. سلاح بيد أعدائنا
إبراهيم بيضون
نعم منذ أن دخل الإستعمار الى بلادنا جعل على رأس أولوياته محاربة الإسلام بعد أن عرف أنه ثورة على الباطل والظلم لا ينطفئ نورها مهما طال زمن الظلم والاستبداد بل هي في كفاح مستمر الى أن تسطر للإنسانية أسطر العزة والكرامة والعدالة، وقد أستعمل العدو لأجل الوصول الى هدفه أسلحة متنوعة وجد أن أشدها هو سلاح الصراع المذهبي فبدأ يدعمه ويفتعله ويغذيه حسب الظروف المحيطة بالبلد وجعله ورقة ضغط في يده يستعملها في خدعه الدبلوماسية والسياسية لأجل إذلال المجتمع وسرقة مقدراته ومكوناته.
وها نحن نعيش آلام هذا الصراع في أكثر الدول الإسلامية بدأ بباكستان التي تأخذ حيزا كبيرا من هذا الصراع حيث قد أذاقها المرّ والألم وأطاح بكثير من أبنائها، وقد رحل خيرة شبابها ضحايا هذا الصراع الغاشم في حين أن الأمة بحاجة لكل نفس لأجل أن ترقى في مجالات التقدم والإبداع ودفع كيد الأعداء، وكذا الحال في العراق فإن الصراع المذهبي قد أخلّ بأمن هذا البلد الإسلامي الغني بشعبه ومقدراته الطبيعية التي وهبها الله لعباده، فإن الصراع في هذا البلد قد أخذ طابعا سياسيا ولكن بنكهة مذهبية وأصبحت القوى السياسية هناك تستعمل هذا الصراع كلما وجدت أن الحل يتطلبه، وهكذا الحال في سوريا اليوم وفي البحرين والسعودية وغيرهم من الدول الإسلامية التي ذاقت ألم هذا الصراع المرير.
ولكن من حقنا أن نسأل أنه لماذا يحرك الصراع الطائفي حسب رغبة الأعداء؟ فإن الأعداء يوظفون نتائج هذا الصراع لصالحهم ويهتمون به كثيرا لأنه لا يكلفهم شيئا إلا العمل على إشعال الفتن بواسطة عملائهم المأجورين الذين يكتسبون الحماية منهم، وبعضهم يعيش في بلادهم ويفتعل الفتن الخبيثة من على منابرهم.
فاليوم يحرك هذا الصراع في سوريا التي كانت قبل هذا تنعم بالأمن والآمان ولكنها تحولت الى مستنقع يغرق في وحول ذيول الفتن الطائفية والمذهبية فبعد الأمن والأمان قامت أصوات لتنادي بحق أهل السنة والجماعة وتدعو الى قتل الشيعة والعلويين وتهجير المسيحيين فإن هذه الشعارات تخدم الأعداء لأنها تهدر طاقات المجتمع وتمزق قوته وتجعله هشا أمام تماسك جبهة العدو الصلبة.
وفي ظل هذا الوضع غير المستقر في سوريا نشاهد نشاطا لقوى تسمى بالسلفية والأصولية تدخل الى سوريا بغيت العمل على النمط الطائفي وتعمل أيضا على إسقاط النظام وقد قيل بأن أفرادا من تنظيم القاعدة قد دخلت الى الأراضي سوريا لتقوم بأعمال عسكرية ضد النظام والمدنيين غير السنة، وهذا لا يفيد أحدا إلا الأعداء لأنه يمزق الأمة ويشتت جمعها فتذهب قوتها وبأسها وتصبح ضعيفة أمام قوة العدو وتماسكه.
فإن هذا الصراع يصب في مصلحة الأعداء ويشتت الأمة الإسلامية وهذا يتنافى مع تعاليم الإسلام الداعية الى الوحدة والانسجام والتآلف والمحبة وتنبذ كل أشكال التفرقة والفتن لعلم الشريعة بأن هذا الصراع يفوّت على المسلمين فرصة التقدم والإبداع والمنعة أمام الأعداء ومن الواضح لكل أحد أن في الوحدة البركة والفضل والعطاء والتقدم والمنعة.
نعم في ظل هذه الحالة التي وصلنا إليها من القهر لإرادتنا ولقوتنا ولعزتنا مما جعل حياتنا بلا آمال في تقديم نموذجا للأمم يثبت لهم ثقافتنا الحقيقية والحضارية ويبرهن لهم على حيوية تعاليم ديننا وقدرتها على قيادة العالم وتقدم مسيرة البشرية نحو الكمال والتقدم.
نحن في هذه الأيام وخصوصا في ظل الحرب المفتوحة على الإسلام لا بد لنا من العمل على تحصين الثقافة الإسلامية الباعثة على المحبة والسلام وعلينا أن نعمل على تربية أبنائنا بعيدا عن الفتن التي لا زالت تشكل سلاحا في يد أعدائنا يستعمله ضدنا كلما سمحت له الفرصة ليدمر مستقبلنا ويحكم سيطرته على بلادنا وعلى مقدراتها البشرية، ومن هنا فإن الواجب الملقى على العلماء والمثقفين والنخب العلمية والاجتماعية من تكثيف العمل والجهد بغية الوصول الى مجتمع متراس متكاتف يعيش على المحبة والوحدة حتى نصل الى القوة والمنعة.