نبذة مختصرة عن حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله               ولادة الرسول الأكرم ومنطلقات الوحدة الإسلامية               النبوة لطف               التربية بالقدوة الحسنة               عملي وعملكم                كلّا إنّها كلمة هو قائلها                 الله والتغيير                التربية بالقدوة الحسنة                القرآن وتربية الإنسان                 الشّباب ووقت الفراغ               
  الرئيسية
  من نحن ؟
  من خدماتنا
  مواقع مهمة
  كشوف مالية بمساعداتنا
  المكتبة
  أنشطتنا
  المساهمات الخيرية
  الركن الاجتماعي
  أسئلة وأجوبة
  معرض الصور
  بحوث ومقالات
  اتصل بنا
 
عدد الزوار
183166
بحوث ومقالات > بحوث ومقالات قرآنية
 
 
القرآن وتربية الإنسان
مكتب الشؤون الفقهية بأوقاف اللواتية - 2020/04/21 - [المشاهدات : 3604]
 

 القرآن وتربية الإنسان (*)

{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم، وشفاء لما في الصدور، وهدى، ورحمة للمؤمنين} (1).

أنزل الله تعالى القرآن الكريم ليكون مدرسة تربوية إلهية لهذا الإنسان، يخرج بسببها من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الرشاد والهدى. وهذه المدرسة تربي الإنسان – كما تفيد هذه الآية الشريفة – على أربع مراحل متدرجة:

فالمرحلة الأولى: هي مرحلة الموعظة {قد جاءتكم موعظة}، و"الموعظة" هي النصح والإرشاد، سواء أكان ذلك بـ "النهي الممتزج بالتهديد" كما في مفردات الراغب الأصفهاني، أم كان بـ "التذكير بالنعم والطيبات" كما نقله الراغب أيضًا عن الخليل بن أحمد (2)، أم كان بغير هذا وذاك. ومرحلة الموعظة هذه هي التي يتحقق بها إيقاظ الإنسان.

والمرحلة الثانية: هي مرحلة تطهير القلب وشفائه من كل الأوساخ والملوّثات، كالعقائد الفاسدة، والصفات القبيحة، والانحرافات النفسية... وغيرها. وعن هذه المرحلة قال الإمام علي (ع): "فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق والغي والضلال"(3).

والمرحلة الثالثة: هي مرحلة الهداية، بمعنى الدلالة على المطلوب بلطف.

والمرحلة الأخيرة: الوصول إلى درجة الرحمة الإلهية المعدة للمؤمنين.

وواضحٌ أنّ الرحمة حين تُنسب إلى البشر فإنها تعني العطف ورقة القلب، لكن بما أنّ الله تعالى منزّه عن التغير والعواطف والانفعالات والجسمية وعوارضها فإنّ الرحمة من جانبه تعني العطاء والإنعام، وهذا يكون على نحوين: فثمة عطاء لكل البشر بل لكل الموجودات (وهو المعبر عنه بالرحمانية)، وهناك عطاء لخصوص المؤمنين (وهو ما يعبّر عنه بالرحيمية)، وهذا الأخير هو ما تتحدث عنه الآية الكريمة.

وهنا، في الآية، مجالات يجدر بنا التمعّن فيها:

المجال الأول:

تعلّمنا الآية المباركة أنّ التربية المؤثرة الناجعة لا بد أن تبتدئ بالإيقاظ، فالمطلوب أولًا أن يفكر المربون في الطرق المناسبة التي من شأنها أن توقظ من يريدون تربيتهم، من سباتهم وغفلتهم واتّباعهم الشيطان، وأحسن هذه الطرق – كما تفيد الآية نفسها – يتمثل في الموعظة. ومن هنا وجدنا هذا الاهتمام الكبير من قادة الدين بهذه الناحية، فالإمام علي (ع) يخاطب ابنه الحسن (ع) بهذا: "أحيِ قلبك بالموعظة" (4) . وكفى بهذه العبارة البليغة دلالةً على مدى تأثير الموعظة الحسنة في القلب، فهي تحييه بعد موته، وتعيده إلى مساره الصحيح وخطه القويم الذي لعله ابتعد عنه في مرحلة ما من مراحل هذه الحياة.

ويبيّن الإمام علي (ع) نفسه أنّ أحسن الموعظة ما كان بالاستفادة من القرآن ذاته: "إنّ الله لم يعظ أحدًا بمثل هذا القرآن"(5).

هل فكّرنا في أن نتخذ من علاقتنا بالقرآن الكريم وسيلةً للاتعاظ والوعظ؟ أن نقترب من المواعظ القرآنية بقلوبنا حق الاقتراب، لتتغلغل في نفوسنا، وتتشرب بها أرواحنا، ثم نستفيد من تلكم المواعظ في وعظ أبنائنا وبناتنا وكل من يعنينا أمره ونستطيع توجيهه. أن نتحمل مسؤولياتنا جميعًا في الوعظ والإيقاظ، كلٌ بحسب قدراته وإمكاناته، لا أن نترك هذا المجال للقنوات التلفازية الفضائية ومواقع الشبكة المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، بكل ما فيها من زبد ونافع للناس.

المجال الثاني:

لا محيص في التربية الفاعلة المثمرة عن التدرج والتأني، فالآية الشريفة ذكرت أربع مراحل مختلفة ومتدرجة للتربية لا بد من طيّها بطريقة متأنية لكي نصل إلى النتائج المرجوة. أما إذا حاول المربون أن يسيروا في تربيتهم على وتيرة واحدة، دونما مراعاة للمرحلية والتدرج، أو حاولوا أن يقطفوا نتائج أعمالهم بسرعة، من دون أن يتأنوا ويصبروا بالقدر المطلوب من جهة الزمان، فإنّ جهودهم ستذهب هباءً منثورًا، ولن يقطفوا من عملهم إلا الخسارة والتضييع. ورد عن رسول الله (ص) أنه قال: "من تأنى أصاب أو كاد، ومن عجل أخطأ أو كاد" (6).

المجال الثالث:

نتعلم من الآية الكريمة أنّ الهدم (إذا احتجنا إليه في مورد ما) لا بد أن يكون مقدمة للبناء، لا أن يكون الهدم للهدم فقط. فالآية تتحدث عن نوع من الهدم، وهو هدم السلبيات والعيوب وأوساخ القلب {وشفاء لما في الصدور}، لكنها سرعان ما تُتبع ذلك بذكر البناء الهادف {وهدًى}، فالهدم طريق إلى البناء، وليس مقصودًا لذاته.

بيد أنّ الملاحظ اجتماعيًا أنّ ثمة فئة من الناس لا تتقن إلا الهدم، فهي خبيرة كل الخبرة في إبراز المثالب والعيوب، وإظهار السلبيات والنقائص في الأفراد الذين يتعاملون معها، وفي المشروعات القائمة في المجتمع، لا سيما ما يرتبط منها بالجوانب الخيرية والخدمات التطوعية التي يرتجى منها الثواب وخدمة الناس والدين. لكنك إذا دعوت هذه الفئة نفسها، بعد أن تشبع هدمًا وترتوي انتقاصًا لغيرها، إلى إيجاد البدائل التي تراها أصلح الحلول التي تجدها أنجع، فإنك لن تجد نفسك إلا أمام سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً!

إنها فئة بارعة في الهدم والتقويض فقط، ولا يعنيها ما يكون بعد ذلك، فليس الهدم عندها مقدمة لبناء أفضل. مثل هذه الفئة يقال لها: "أن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة"، ولا بد من تذكيرها – عسى أن يفيدها التذكير – بحديث خير الخلق محمد المصطفى (ص): "خير الناس من انتفع به الناس" (7). ومما لا مرية فيه أنّ انتفاع الناس لا يتحقق بالهدم وحده، بل لا بد أن يكون بعده بناء أفضل من الذي كان.

المجال الأخير:

بدأت الآية بخطاب موجه إلى الناس كافة {يا أيها الناس}، لكنها انتهت ببيان أنّ المنتفعين الذين يصلون لدرجة الرحمة الإلهية الخاصة هم قلة، وهم خصوص المؤمنين دون سواهم {ورحمة للمؤمنين}، وهذا فيه حثّ غير مباشر لنا كي نرفع عزائمنا ونزيد من طاقاتنا وجهودنا الخيّرة لنستفيد أكثر من وسائل الهداية الموجودة بين أيدينا، فنغدو، من بعد، ضمن تلك الزمرة الصالحة من عباد الله المؤمنين الفائزين برحمته.

ولنكن على يقين بأننا لن نكون من الفائزين إلا إذا التزمنا بطاعة ربنا سبحانه فيما يطلبه منا، فعن رسول الله (ص) أنه قال: "تعرّضوا لرحمة الله بما أمركم به من طاعته" (8)، وعنه (ص) كذلك: "اطلبوا الخير دهرَكم كله، وتعرّضوا لنفحات الله، فإنّ لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده" (9).

______________________

(*) المصدر كتاب "الإنسان والحياة.. نظرات قرآنية" للشيخ الدكتور إحسان بن صادق اللواتي.

(1) سورة يونس، الآية 57.

(2) معجم مفردات ألفاظ القرآن، مادة "وعظ".

(3) نهج البلاغة، الخطبة 176، ص 252. و"اللأواء" هي الشدة.

(4) ميزان الحكمة 10: 539.

(5) نفسه 10: 542.

(6) نفسه 6: 73.

(7) ميزان الحكمة 3: 214.

(8) نفسه 4: 77.

(9) ميزان الحكمة 4: 77.

 
 
أضف تعليقاً
الاسم
البريد الإلكتروني
التعليق
من
أرقام التأكيد Security Image
 
 
 
محرك البحث
 
القائمة البريدية
 
آخر المواقع المضافة
موقع مكتب آية الله العظمى السيد الشبيري الزنجاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشّاهرودي
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
 
آخر الصور المضافة
 
آخر الصوتيات المضافة
الإمام المجتبى عليه السلام بين حكم التاريخ وحاكميته
ضوابط قرآنية في حل المشكلات
الإمام الصادق عليه السلام ومحاربة الإنحراف
من ثمار التقوى
وقفات مع علم النفس القرآني
 
آخر الكتب المضافة
العبادة والعبودية
آية التطهير فوق الشبهات
إرشاد الحائر إلى صحة حديث الطائر
حديث الغدير فوق الشبهات
رسالة مختصرة في الفطرة والمشكلة الإنسانية
 
آخر الأسئلة المضافة
س:

  هل یجوز للرجل الزاني الزواج بابنة المراة التي زنا بها؟

ج:

  یجوز والاحوط استحباباً تركه.