نبذة مختصرة عن حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله               ولادة الرسول الأكرم ومنطلقات الوحدة الإسلامية               النبوة لطف               التربية بالقدوة الحسنة               عملي وعملكم                كلّا إنّها كلمة هو قائلها                 الله والتغيير                التربية بالقدوة الحسنة                القرآن وتربية الإنسان                 الشّباب ووقت الفراغ               
  الرئيسية
  من نحن ؟
  من خدماتنا
  مواقع مهمة
  كشوف مالية بمساعداتنا
  المكتبة
  أنشطتنا
  المساهمات الخيرية
  الركن الاجتماعي
  أسئلة وأجوبة
  معرض الصور
  بحوث ومقالات
  اتصل بنا
 
عدد الزوار
183251
الركن الاجتماعي > ركن الأسرة > بحوث ومقالات تهم الأسرة
 
 
أخطاء تربويّة
مكتب الشؤون الفقهية بأوقاف اللواتية - 2019/07/27 - [المشاهدات : 1200]
 

 أخطاء تربويّة (*)

عدم العدالة بين الأولاد:

من الأخطاء التي يرتكبها بعض الآباء والأمّهات والتي لها علاقة بمسألة تربية الأولاد هي عدم العدل بين أولادهم، فمن الآباء والأمّهات من لا يعدل بين أولاده فلا يساوي بينهم ويميّز أحدهم على آخر، فهناك من الآباء من يميّز بين أولاده في النّفقة، فبعض الآباء إذا كان عنده أولاد من زوجتين، وقد فارق إحداهما فإنّه يقتّر في النّفقة على أولاده من زوجته التي طلّقها وذلك في حالة ما إذا عاش هؤلاء الأولاد مع أمّهم، بينما ينفق على أولاده من زوجته الأخرى بسخاء دون تقتير.

وهناك من الآباء من يفضّل أحد أبنائه على إخوانه في الهبة والعطيّة فيعطيه ويهبه ما لا يعطي ويهب غيره من إخوته، ومن أمثلة ذلك ما يفعله بعض الآباء في حياته من تقسيم أمواله على أولاده فيعطي بعضهم ويحرم آخرين، أو يفضل أحدهم على الآخر في مقدار العطيّة، فيعطيه أكثر من أخيه أو أخته أو يهب الذّكور دون الإناث (1)، أو بالمقارنة بينهم في صفاتهم الجسمية أو النفسية كأن يقول فلان أجمل من فلان أو أذكى أو أحسن خلقًا منه، أو يبدي حبّه أو احترامه لأحدهم دون الآخرين، أو يظهر اعتناءه واهتمامه ببعضهم دون البعض الآخر، أو يميّز بين الذّكر والأنثى فيفضل الولد على البنت أو العكس، وكل ذلك مخالف لتوجيهات الشّريعة الإسلامية الغرّاء، فهي تحثُّ المسلم على العدل بين أولاده، فعن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: «إنّ لهم عليك من الحق أنْ تعدل بينهم، كما أنّ لك عليهم من الحق أنْ يبرّوك» (2).

وعنه «صلى الله عليه وآله»: «أعدلوا بين أولادكم في النّحل (3) كما تحبّون أنْ يعدلوا بينكم في البرّ واللطف» (4).

وعنه «صلى الله عليه وآله»: «إنّ الله تعالى يحبُّ أنْ تعدلوا بين أولادكم حتّى في القبل» (5).

وعن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: «أبصر رسول الله رجلًا له ولدان فقبّل أحدهما وترك الآخر، فقال «صلى الله عليه وآله»: فهلا واسيت بينهما؟!» (6).

فتمييز الوالدين أو أحدهما ولدًا بعينه على إخوته، أو جنس الذّكور على الإناث أو العكس مخالف لتعاليم دين الإسلام وتوجيهاته وخلاف مبادئه، فالإسلام لا يفرّق بين ولد وآخر، ولا بين ذكر وأنثى، فكلاهما في نظره سواسية، لا يرجّح أحدهما على الآخر، فعلى الوالدين أنْ يتعاملا مع أولادهم من منطلق النّظرة الإسلامية لهم، وهي نظرة عدم التّمايز.

وإذا كان الوالدان أو أحدهما يميل إلى ولد من أولاده دون الآخر أو الآخرين لمزيّة تكون عند هذا الولد، فعليه أنْ يبقي هذا الميل في داخله، وإنْ كان مضطرًّا لإظهاره فليتجنب أنْ يكون ذلك أمام الآخرين أو بعلم منهم، تجنبًا للسّلبيات التي قد يتركها عليهم وعليه علمهم بذلك.

فالعدل بين الأولاد سبيل إلى تقوية أواصر المحبّة والمودّة بينهم، وأمّا عدم العدل بينهم فهو سبب لغرس وزرع الخصال السيئة في نفوسهم؛ من الحقد والعداوة والكراهية والبغضاء والحسد وغيرها من الأخلاق الرّذيلة والصّفات القبيحة، فعادة ما يؤدي ذلك إلى أنْ يحقد الأخوة على بعضهم البعض، ويعيش بعضهم العداوة والبغضاء والكراهية والحسد للبعض الآخر، مضافًا إلى ذلك ما يخلّفه الإحساس بالظلم والتّمييز من الإصابة ببعض الأمراض النّفسية كالإحباط وغيره.

ثم إنّ عدم العدل بين الأولاد ليس فقط يلحق الضّرر بالمفضَّل عليه، بل إنّ المفضّل أيضًا يلحقه ضرر ذلك ويولّد عنده شيئًا من الأخلاق السّلبية والأمور السيئة.

تقول الدكتورة روزا بارسيو: «إنّ تفضيل ولد على آخر أمرٌ يضمن الاستياء والمنافسة والحسد في العائلة، وهو إلى ذلك يفسد العلاقات بين أفراد العائلة وينتهي الأمر بأنْ يتأذّى كل من الولد المفضّل والولد الآخر بطريقة مختلفة.

من جهة سنضلل الولد المفضل عندنا إذْ سيعتقد أنّه يستحق أشياء أكثر مما يستحقّها الآخرون، فيحاول دائمًا التأكّد من أنّه يحصل على هذا الامتياز.

إذا كبر الشخص وهو يعتقد أنّه بحاجة إلى أنْ يكون أفضل من الآخرين ليشعر بأنّه شخص ذو اعتبار وأهميّة فيشعر بأنّه مطرود وتعس إنْ حدث العكس.

الاعتقاد بأنّه «مميز» أمر يعني بالنّسبة له أنّه «أفضل من» وهذا ما يجعله شخصًا غايته التنافس، ستجده لا يعرف كيف يتشاطر مع الآخرين الأشياء، وسيكون دائمًا حسودًا فهو لا يشعر بالأمان إلاّ إذا حصل على أكثر من الآخرين، وحتّى إنْ كان يشعر بأنّه مدعوم وأنّه الشّخص المفضل فسيجد نفسه غالبًا وحيدًا منعزلًا عن إخوته الذين يمتعضون منه. وحالما يرحل أهله ستصبح علاقته السيئة مع إخوته واضحة للعيان.

من جهة أخرى ينظر الأخوة الأدنى مرتبة إلى الولد المفضّل بحسد، ويتوقون إلى أنْ يكونوا مكانه وهم لا يفهمون سبب وجود هذه التّفرقة بينهم، فيشعرون بالغضب من قدرهم الذي جعلهم غير متنعمين بجمال أو ذكاء أو سحر الولد المفضل، وهنا يكافحون حتّى يحظوا برضا أهلهم، وأحيانًا قد يرغبون في القيام بتضحية حقيقية من أجل تلقّي حبّ أهلهم الذين يظهرونه للولد المفضل» (7).

إنّ تفضيل بعض الأولاد على البعض الآخر يوجد أرضًا خصبة لأنْ يسلك الأولاد المفضّل عليهم في علاقتهم مع المُفَضِّلِ من الوالدين طريقًا سلبيةً، بل وخطيرةً فقد يكون ذلك موجبًا لعقوقهم له.

جاء شاب إلى أحد العلماء وقال له إنّ أمي حرمتني من ميراثها، فأعطت أموالها جميعها لإخوتي قبل وفاتها ولم تعطني شيئًا، والآن وبعد أنْ ماتت لا أستطيع أنْ أقول اللهم ارحم والداتي، فهل عليَّ إثم؟!!

فانظروا كيف أنّ عدم عدل تلك الأم بين أولادها والتسوية بينهم وتمييز أخوة هذا الشاب عليه أثّر فيه تأثيرًا سلبيًّا كبيرًا إلى درجة أنّ نفسه تمانعه من أنْ يرفع يديه إلى الله سبحانه وتعالى ويدعو لوالدته بالرّحمة والمغفرة.

فعلى الآباء والأمهات أنْ يحققوا العدالة والمساواة بين أولادهم، فلا يمارسوا ضدهم أيَّ ظلم أو تمييز يفضي إلى إيذائهم ويسبب لهم الانزعاج ويخلف لديهم خصالًا سيئةً ويوجب عندهم ردّة فعل سلبية تجاه والديهم، وذلك لكي يحظى الوالدان باحترام ومحبة الأبناء، ويكون لقولهما وتوجيههما أثر في نفوسهم، وهذا مما له الأثر الكبير في تكلل جهود الآباء والأمهات في تربية أبنائهم وتوجيههم وإرشادهم نحو الحق والخير والصّلاح بالنّجاح.  

التأديب بالضّرب:

ومن الأخطاء التي يرتكبها بعض الآباء عندما يمارس طفله خطأً يستحق عليه التأديب أنّه يستخدم معه أسلوب الضّرب مباشرة بهدف تأديبه من دون أنْ يلجأ إلى أسلوب آخر من أساليب التأديب التي هي أخف ضررًا على الطفل. فالضّرب ليس الوسيلة الصحيحة للتأديب لما يخلّفه في أغلب الحالات من آثار سلبيّة على الطفل، ومنها أنّه يجلب له ألمًا شديدًا وكبيرًا ويشعره بالإهانة ويوجب احتقار شخصيته، ويجعله يعيش في حالة من الخوف والرّهبة وغيرها.

وما يظنّه بعض الآباء من أنّ الضّرب قد حقق الفائدة المرجوّة منه فعادة ما يكون خلاف الواقع، فالطفل وإنْ اجتنب ارتكاب الأخطاء أمام والده خوفًا من أنْ يعاقبه بالضّرب لكنّه في مكان آخر حيث يأمن الضّرب والعقاب سيسلك السّلوك الخاطئ فيمارس الأخطاء كعادته، فلم يخلّصه الضّرب من سلوكياته غير المرغوب فيها، بل أثّر فيه سلبًا، فما الفائدة أنْ يكف عن ممارسة سلوكه الخاطئ فقط أمام من يعاقبه عليها بالضّرب ويمارسه حين يغيب عن نظره أو يأمن من عقوبته؟

«لا يعرف الأهل في معظم الوقت ما إذا كان الضّرب يحقق الهدف المرجو، وذلك لأنّهم لا يلاحظون نتائجه على سلوك الطفل على المدى البعيد. إنّ العقاب لا يؤدّي إلاّ إلى جعل السّلوك غير الجيد يستتر. أي أنّ الطفل يمتنع عن التصرّف بشكل سيء أمام أهله ولكنّه لا يرتدع عن هذا التصرّف فعليًّا» (8).

إنّ جلّ علماء التربية والنّفس والاجتماع المتخصصون في معالجة وتعديل سلوك الجانحين من الأحداث يخطئون طريقة الضّرب والإيذاء الجسدي، بل ويرى هؤلاء أنّ تقويم السّلوك بأنواع العقاب غير الضّرب يلزم أنْ لا يكون مقدّمًا على غيره من أساليب التأديب والتربية.

فقد أشار العالم «سكينر Skinner» (9) إلى أنّ العقاب إجراء ليس فعّالًا لإنهاء السّلوك المستهدف وإضعافه، فالعقاب ليس بقوّة التعزيز (10) الذي يلعب دورًا مميّزًا في تعديل السّلوك وتغييره.

فمن وجهة نظر «سكينر Skinner» أنّ آثار العقاب مؤقتة، حيث تظهر الاستجابات مرّة أخرى بعد زوال المثيرات المنفّرة المؤلمة (11). 

ثم إنّ تعويد الطفل على الضّرب يعتبر أكثر خطرًا من أيّة وسيلة أخرى من وسائل التربية، فهذه العقوبة البدنية يمكن أنْ يعتاد عليها الجسم فلا تؤثر بعدها كثيرًا، وحينئذ يفقد المربي كل وسائل التربية الأخرى الفعالة، لأنّ من لا يتأثر بالضّرب وهو من أقسى العقوبات فلا يؤثر فيه مجرد إرشاد أو توجيه، ولا يثنيه عن التّمادي في الخطأ هجر ولا توبيخ.

وإضافة إلى كلّ ذلك فإنّ الضّرب يولّد الكراهية والبغض عند الطفل لضاربه، مما يقلل من المشاعر والتفاعلات الإيجابية التي من المفترض أنْ تكون بين الولد ووالديه، ويؤزّم العلاقة بينهما لتكون علاقة سلبيّة، وهذا خلاف ما يجب أنْ تكون عليه علاقتهما من كونها إيجابيّة، وذلك لأنّ العلاقة السّلبيّة قد تجرّ الولد إلى التقصير في حقوق والديه، وعليه فيكون الضّرب اللامسؤول من الوالدين للطفل موجبًا لعقوقه لهما.

والإسلام وإنْ أجاز للولي ضرب الطفل في مقام التأديب إلاّ أنّه جعله بعد استنفاذ كافة الأساليب التربوية ووسائل العقاب والرّدع الأخرى، «فإن كان ينفع مع الولد الملاطفة بالوعظ فلا يجوز للمربي أنْ يلجأ إلى الهجر، وإنْ كان ينفع الهجر أو الزّجر فلا يجوز له أنْ يلجأ إلى الضّرب والتأديب، وإذا عجز عن جميع الوسائل الإصلاحيّة ملاطفة ووعظًا فلا بأس بعد هذا أنْ يلجأ إلى التأديب والضّرب» (12).

فقد تكفي في بعض الأحيان لمعالجة انحراف الطفل الموعظة أو الملاطفة الرّقيقة أو كلمة زجر دون الحاجة إلى التوبيخ أو الهجر فضلًا عن الضّرب، ولذلك فعلى الولي أنْ يضع في الاعتبار أنّ هناك أساليب ومراحل يجب عليه أنْ يسلكها للتأديب، فقد يتم الغرض بها في تقويم اعوجاج الطفل وإصلاح شأنه، وأنّه لا يجوز له تجاوزها، ولو أنّه تجاوزها فلجأ مباشرة إلى الضّرب كان متعدّيًا وظالمًا للطفل ومخالفًا لتعاليم الشّريعة الإسلامية الغرّاء.

فالعنف الذي يمارسه بعض الآباء ضدّ أطفالهم -سواء أكان ضربًا خارجًا عن الحدود الشّرعيّة، أو عنفًا من نوع آخر- يجعل من الأطفال أشخاصًا يميلون إلى استخدام العنف في التعامل مع أطفالهم في المستقبل فـ «تشير كثير من الدّراسات إلى أنّ الأب المسيء إلى الطفل عادة ما يكون قد تعرّض هو للإساءة عندما كان طفلًا من جانب والديه، ولم يجد إشباعًا سويًّا لحاجاته، ولم يجد الحبّ الوالدي الخالص أو النّقي من جانبهما وبالتالي لم تتح له فرصة بناء نموذج داخلي عامل يتضمن دور الوالد السّوي في علاقته بابنه أو ابنته، إضافة إلى فهم أبعاد هذا الدور ومتطلباته والتزاماته، بل وأكثر من ذلك فإنّ هذا الوالد الذي تعرّض للإساءة صغيرًا في أسرته قد يميل إلى اختيار شريك حياته من نفس النّمط الذي تعرّض للإساءة في أسرته وهو صغير أيضًا.

وفي هذه الحال الأخيرة يكون الوالدان معًا مهيئين لإعادة الخبرة المؤلمة التي عاشاها في طفولتهما مع طفلهما» (13).

«من المستحيل تقريبًا تربية الأطفال دون ضربهم من وقت لآخر، لكن ليس علينا أنْ نخطط لذلك، يجب علينا أنْ لا نأخذ التأديب البدني كرد فعل على استفزاز أولادنا أو لشعورنا بالضّيق، لماذا لا؟ بسبب الدّرس الذي يعطيه، إنّه يعلّم الأولاد طرقًا غير مرغوبة في التعامل مع الإحباط، إنّه يعرفهم بطريقة عنيفة بأنّه عندما تكون غاضبًا أو محبطًا لا تتطلع إلى حلول، اضرب، هذا ما يفعله أهلك.

بدلًا من استعراض إبداعنا بالتفتيش عن مخارج حضاريّة لمشاعرنا المتوحشّة فإننا نعطي أولادنا ليس فقط نموذجًا عن الغابة بل إذنًا بالضّرب أيضًا» (14).

فالشخص الذي ينحدر من أسرة مارس الوالدان أو أحدهما العنف عليه ففي أغلب الحالات سيمارس الدور نفسه ضد أبنائه، فالأب المعتدي على أولاده والأم التي تمارس العنف ضد أولادها يكونان هما نفسهما في الغالب (15) قد تعرّضا في الصغر للعنف من أحد الوالدين أو من كلاهما.

ثم أنّ الشّريعة الإسلامية جعلت مجموعة من الضّوابط والشّروط لتأديب الطفل بعقوبة الضّرب، أهمّها:

* أنْ لا يكون الطفل في سن لا يعي معه سبب ضربه، فضربه تأديبًا في هذا السن غير جائز شرعًا، ولا يكون للضّرب والحال هذه أي فائدة أو أثر في ردع الطفل عن أخطائه وسلوكه السّلبي، فهو لا يعلم السبب الذي من أجله ضرب، ولذلك فمقصودنا بالطفل الذي يجوز ضربه تأديبًا هو الولد -سواء كان ذكرًا أو أنثى- ممن وصل إلى سن يجوز شرعًا معه تأديبه على سلوكياته السّلبية المتعمّدة بمختلف أنواع أساليب التأديب الجائزة شرعًا، وبحيث يعي التأديب ويعلم السبب الذي من أجله يعاقب. 

* يلزم أنْ تكون العقوبة بالضّرب خفيفة ومتناسبة مع الخطأ الذي ارتكبه الطفل؛ لأنّ الهدف منها عدم تكرار السّلوك السّيء مستقبلًا وليس إيذاء الطفل وإلحاق الضّرر بجسده وبنفسه كما يفعل بعض الآباء في تأديبهم لأولادهم، فلو تجاوز الضّرب الرّفق إلى الحد الذي أوجد احمرارًا أو اسودادًا في البدن لزمت الولي الدّية، وكذلك أنْ لا يتعدى الضّرب خمس أو ست ضربات ولا يزيد عليها إلاّ إذا كانت هناك حاجة أو ضرورة تدعو لذلك.

قال المرجع الدّيني السيد محمد سعيد الحكيم «دام ظله»: «يجوز للولي تأديب الصبي وضربه بما يراه صالحًا له، نعم لا بد من الاقتصار على مقدار الحاجة والتدرّج في ذلك مع كمال التروّي والتعقّل وعدم الزّيادة عن الحاجة تشفيًا وانتقامًا أو استهوانًا بأمر الصّبي لضعفه، كما لا بد من الحذر من اختلاط النظر لمصلحة الصبي بالانفعال النفسي منه، أو من المؤثرات الخارجية الأخرى. وقد ورد في الأخبار الترخيص بخمس أو ست ضربات مع الحث على الرّفق، فاللازم عدم الزّيادة عليها إلاّ عند الحاجة والضّرورة» (16).

* لا يجوز لغير الولي أنْ يضرب الطفل حتّى الأم بدون إذن وليّه، فضرب الأمّهات لأولادهن من دون إذن الأب غير جائز شرعًا، وكذلك المعلم في المدرسة لا يجوز له ذلك إلاّ أنْ يأذن له الولي، ومع «تعذر الرّجوع للولي لزم الرّجوع للحاكم الشّرعي، ومع تعذر الرّجوع إليه يتعين الاقتصار على ما لا بد منه لدفع شرّه وضرره من دون إضرار به مهما أمكن» (17).

وفي جواب سؤال وجه للمرجع الدّيني السيد علي الحسيني السيستاني «دام ظله» بخصوص مسألة ضرب الطفل تأديبًا، قال: «لا يجوز لغير وليّ الطفل أو المأذون من قبله أنْ يضرب الطفل لتأديبه إذا ارتكب فعلًا محرّمًا أو سبَّب أذى للآخرين، ويجوز للولي وللمأذون من قبله أنْ يضرب الطفل للتأديب ضربًا خفيفًا غير مبرح لا يؤدي إلى احمرار جلد الطفل، بشرط أنْ لا يتجاوز ثلاث ضربات خفيفة على الأحوط وجوبًا، وذلك فيما إذا توقف التأديب عليه، وعليه فلا يحق للأخ الشاب أنْ يضرب أخاه الطفل إلاّ إذا كان مأذونًا من قبل الولي، ولا يجوز ضرب التلميذ في المدرسة من دون إذن وليه أو المأذون من قبله بتاتًا» (18).

* أنْ لا يكون الضّرب على الأماكن الحساسة من جسد الطفل كالوجه والرّأس والبطن والفرج.

* ينبغي أنْ لا يكون العقاب بالضّرب تأديبًا في حالة يكون المؤدب فيها غاضبًا، وذلك لأنّ المرء حين يغضب لا يتحكّم في تصرّفاته لا سيما إذا سيطر عليه الغضب حيث يصبح كالوحش الضّاري لا يدري ما يقول أو يفعل، فقد يلحق بالطفل الضّرر المحرم شرعًا بتعديه للضّوابط والحدود الشّرعية المقررة للتأديب بالضّرب، ويوقع نفسه في الذّنب وارتكاب الإثم. 

_______________________

(*) المصدر كتاب "محاضرات في الدّين والحياة ج 2" للشيخ حسن عبد الله العجمي.

(1) نعم يجوز شرعًا للإنسان أنْ يتصرّف في حياته في أمواله بالهبة والعطيّة لمن شاء، فلا يحرم عليه أنْ يهب أحد أولاده شيئًا من ماله دون أنْ يهب مثله لآخرين منهم، إلاّ أنّ ذلك مما لا ينبغي فعله لما يفتحه من أبواب الشر بين الأولاد؛ حيث يفضي إلى حصول التصارع بين الأخوة وتنكر بعضهم للبعض الآخر، وتنافر قلوبهم، وتفكك الرّابط الأسري واستمرار العداوة والشحناء وحصول القطيعة بينهم، وغيرها من الآثار السلبية الكثيرة الأخرى.

(2) الرّيشهري، ميزان الحكمة 9/65.

(3) النّحل: العطيّة والهبة ابتداءً من غير عوض ولا استحقاق.

(4) الرّيشهري، ميزان الحكمة 5/565 - 665.

(5) الرّيشهري، ميزان الحكمة 5/665.

(6) الرّيشهري، ميزان الحكمة 5/6650.

(7) د. روزا باروسيو، هل نربي أولادنا أو نفسدهم؟، صفحة 313 - 413.

(8) د. جيري وايكوف، باربرا يونيل، التربية الذكيّة، صفحة 41.

(9) هو: بوروس فريدريك سكينر «4091 - 0991م» أخصائي علم النفس وسلوكي ومؤلف وفيلسوف اجتماعي أمريكي.

(10) التّعزيز هو عملية تدعيم السّلوك المناسب أو زيادة احتمالات تكراره في المستقبل بإضافة مثيرات إيجابية أو إزالة مثيرات سلبية بعد حدوثه.

(11) انظر كتاب «العلاج السلوكي لمشاكل الأسرة والمجتمع» صفحة 222 - 322، للدكتور يوسف عبد الوهّاب أبو حمدان.

(12) موسوعة أحكام الأطفال وأدلّتها 3/624.

(13) د. علاء الدين كفافي، علم النفس الأسري، صفحة 482.

(14) د. هايم جينو، التربية المثالية للأبناء، صفحة 741.

(15) نقول في الغالب لأنه ليس كل الآباء الذين تعرّضوا للعنف في الطفولة يصبحون عنيفين مع أطفالهم، فبعضهم قد لا يكون أبًا عنيفًا. وهناك من الآباء من لم يتعرض للعنف في طفولته لكنّه قد يكون أبًا عنيفًا.

(16) السيد محمد سعيد الحكيم، منهاج الصالحين 3/16.

(17) السيد محمد سعيد الحكيم، منهاج الصالحين 3/16.

(18) موقع السيد «دام ظله» على شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت».

 
 
أضف تعليقاً
الاسم
البريد الإلكتروني
التعليق
من
أرقام التأكيد Security Image
 
 
 
محرك البحث
 
القائمة البريدية
 
آخر المواقع المضافة
موقع مكتب آية الله العظمى السيد الشبيري الزنجاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشّاهرودي
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
 
آخر الصور المضافة
 
آخر الصوتيات المضافة
الإمام المجتبى عليه السلام بين حكم التاريخ وحاكميته
ضوابط قرآنية في حل المشكلات
الإمام الصادق عليه السلام ومحاربة الإنحراف
من ثمار التقوى
وقفات مع علم النفس القرآني
 
آخر الكتب المضافة
العبادة والعبودية
آية التطهير فوق الشبهات
إرشاد الحائر إلى صحة حديث الطائر
حديث الغدير فوق الشبهات
رسالة مختصرة في الفطرة والمشكلة الإنسانية
 
آخر الأسئلة المضافة
س:

  هل یجوز للرجل الزاني الزواج بابنة المراة التي زنا بها؟

ج:

  یجوز والاحوط استحباباً تركه.