الشريعة الإسلامية عدالة مطلقة
بقلم: محمد الحسين الأديب
للشريعة الإسلامية مزايا جعلتها أغنى الشرائع وأوفاها بحاجات الأفراد والجماعات، وأكفلها بتحقيق طمأنينة الأمم وسعادتها وقوتها وعزتها.
بل هي إذا اتبعت مع آداب الإسلام ووصاياه الأخرى من أمورها المستحبة والمباحة والمرجحة، كفيلة بتكوين أمة مثالية تجتمع فيها عناصر القوة، والمنعة، والحياة الصالحة، والمدنية الفاضلة، وتتهيأ لها أسباب التقدم والنهوض إلى أرفع المراتب، وأعلى الدرجات.
وليس في مقدور أحد أن يحصى هذه المزايا كلها لتنوعها وكثرتها ولذلك فلنكتفي هنا بذكر بعض هذه المزايا التي تكشف عما فيها من قوة الحياة، وسموا المبادئ، وشرف الغاية، ونيل المقصد.
انّ جميع أحكام الشريعة الإسلامية جرت موافقة لمقتضى العقل وجاءت وفق الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها قبل أن تفسدها الأهواء.
ففي جميع أحكامها من المنافع والآثار النفسية والتهذيبية والخلقية والاجتماعية، مالا يمكن أن يخفى على ذوي العقول السليمة.
فشريعة الإسلام شريعة العقل والفطرة، وليس فيها شيء يخالف القياس الصحيح، ولذا جاءت أحكامها رحمة وحكمة ومصلحة ونعمة.
ومن مزايا هذه الشريعة المقدسة هي جعل غايته تحقيق مصالح العباد في المعاش، والمعاد، ودفع المضر والمفاسد، وتحقيق العدالة المطلقة، وانها جاءت بغاية العدل الذي يفصل بين الخلائق، وانه لا عدل فوق عدلها.
ويقول فيها أحد كبار الكتاب في هذا العصر:
(الأمور الشرعية التي دونها الفقهاء المسلمون قبل نحو أحد عشر قرناً تبث في عدالة أصولها، وسمو مستواها، وانفاقها من الحق الطبيعي جميع القوانين الوضعية حتى التي سنت في القرن العشرين). ثمّ قال: (ان من يتأمل في التشريع الذي استنبطه علماء المسلمين في الرق والارقاء وفي المرأة وما يتعلق بها من حقوق طبيعية وروحية، وفي الأيتام والفقراء، وفي حقوق المحاربين، والمعاهدين، والأجانب، والذميين، وفي الشؤون المدنية والجنائية، وفي العقوبات والتعزير... ومن يتأمل في هذا كله يجد تفوقاً ظاهراً في التشريع الإسلامي على التشريع الأوربي في القرن العشرين).
ولا شك أنّ ذلك هو الجدير بشريعة جاءت مكملة لما كان في الشرائع قبلها من قص بعد أن استعدت الأمم لتلقي هذا الكمال ونضجت لتقبل اسمى المبادئ، وأشرف الغايات والمقاصد.
روي انّه (ص) قال:
(مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى داراً فأكملها إلا موضع لبنة فكان من دخلها فنظر إليها فأعجب بها قال: ما أحسن هذه الدار إلا موضع هذه اللبنة، فأنا اللبنة، بي ختم الأنبياء والمرسلين).
ومن مميزات الشريعة الإسلامية انّ كافة أحكامها وتكاليفها مبنية على مبدأ المساوات، إذ كلف بها الأفراد والجماعات بلا تميز.
فأحكامها وعقوباتها وحدودها لا يستثني منها غني واسع الثراء ولا أمير عريض الجاه ولا خليفة تدين له الخلائق بالطاعة والامتثال.
فالمسلمون كلهم متساوون في الحقوق والواجبات، وفي التكاليف والأحكام والقوانين.
نقود هذا المبدأ من يوم أن بزغت شمس الإسلام، وسطع نور الهداية السماوية.
ومن مميزاتها اعتبار كافة النصوص الشرعية موجهة إلى الأمة كلها ما لم يدل دليل على الخصوصية.
بهذا المبدأ العظيم عزت نفوس المسلمين، وسمت هممهم، وعظمت أخلاقهم، وبرزت فيهم قوة الشخصية والمواهب، ونجم فيهم رجال قادوا الأُمّة الإسلامية إلى أوج المجد والرفعة. وساسوا العالم كلها بالقسط والرفق والرحمة.
وتلك هي روح الإسلام التي بها دخل الناس في دين الله أفواجاً، وكانوا حماة وانصاراً.
ومن خصائصها الأخرى ومميزاتها التي ميزتها انها قامت على الأخلاق المرضية، والفضائل المرعية، وخشية الله ومحاسبة الوجدان والضمير في كل ما يصدر عن الإنسان.
وليست قوانين أفلاطون، ولا الشرائع الرومانية، ولا القوانين الغربية الحديثة بمستطيعة أن تجار الشريعة الإسلامية في هذا السمو الخلقي الذي بنيت عليه جميع التصرفات والمعاملات وما يصدر عن الإنسان من قول أو عمل.
(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة/ 8).
ولقد امتازت هذه الشريعة المباركة باقتصار تشريعه التفصيلي على الأمور الثابتة التي لا تختلف باختلاف الأمم والعصور.
وأما الحوادث الجزئية، والاحكام الفرعية التي تختلف باختلاف الأحوال والأمم، فإنّه لم يتناولها إلا بقواعد كلية، ومقاصد عامة، ليترك الباب مفتوحاً لأهل الاجتهاد من كل أمة وفي أي عصر، ليستنبطوا من الأحكام ما يحقق مصالح العباد ويتفق مع حاجاتهم.
ومن أبرز مزايا هذه الشريعة وخصائصها يسر احكامها، وسهولة تكاليفها، ومسايرة أوامرها ونواهيها للطبيعة البشرية، والفطرة الإنسانية التي لم يمسها رجس، وليس في ذلك شيء يفتها، ولا حكم يشق عليها، ولا غرو، فهي شريعة الرحمن الرحيم، وتنزيل من الخبير العليم.
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) (البقرة/ 286).
(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة/ 185).
وهناك مواد كثيرة في أمور متعددة ذكرت للتخفيف أسباباً وهي كالمرض وما يتعلق به، جواز التيمم عند الخوف على نفسه، والقعود في صلاة الفرض، والفطر في رمضان و... إلخ.
والسفر ومما يتعلق به قصر الصلاة الرباعية والفطر في رمضان، والنقص وهو نوع من المشقة،
لأنّ النفس مجبولة على حب الكمال، فناسب التخفيف في التكليف ومما ترتب على ذلك عدم تكليف الصبي والمجنون. وعدم تكليف المرأة بعض ما يجب على الرجل كالجهاد.
إنّ هذا التيسير والتساهل في الشريعة الإسلامية، وهذه الرخص التي أتت بها تخفيفاً على العباد في مواطن الحرج والمشقة إحدى مزايا الإسلام ومما يعد آية على أنّه جاء رحمة للعالمين.
ومما تتميز بها أيضاً توفيته بمطالب الجسد والروح معاً في حدود الاعتدال، فهو وسط جامع لحقوق الجسد والروح ومصالح الدنيا والآخرة.
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (البقرة/ 143).
فالإسلام جعل المسلمين بتعاليمه هذه وسطاً بين الذين تغلب عليهم الحظوظ الجسدية والمنافع المادية، وبين الذين تغلب عليهم التعاليم الروحية، وتعذيب الجسد، واذلال النفس، وهذه مزية تشهد لها بمراعاتها الفطرة الإنسانية السليمة، وتحقيقه مصالح العباد، وتهيئة أسباب السعادة لهم في الدنيا والآخرة.
ولا تقتصر الشريعة الإسلامية في أحكامها على أعمال الإنسان الظاهرة، وارتباطها بغيره، ولا يكتفي بأثر الشريعة الدنيوية، ولا بالحكم المنصوص عليه في القانون الواجب التطبيق في الظاهر – كما هو شأن القوانين الوضعية العامة – بل تتبع بواعث العمل ونية العامل، فيحكم عليه حكماً أخروياً ويناسب النيات والبواعث الباطنية من مثوبة أو عقوبة أخروية.
وهذا شأن التشريع الكامل الذي يقصد إلى الاصلاح الحقيقي المؤدي إلى إصلاح القلوب وتهذيب النفوس فتجري المعاملات بين الناس على أساس صالح من مراعات العدل والحق.
وبذلك تجعل الإنسان – في كل ما يصدر منه – تحت رتابتين الخشية من الله، والضمير. ثمّ الخشية من أحكام القانون.
وللتوضيح نذكر على سبيل المثال:
إنّ عقد الزواج له حكمان إذا وقع مستوفياً أركانه وشروطه:
(أحدهما) أثره المترتب عليه، وهي تلك الحقوق والواجبات التي أثبتت لكل من الزوجين على الآخر.
(وثانيهما) وصفه الشرعي الذي يرجع إلى نية العاقد والباعث له على الزواج.
فقد يكون هذا الزواج حراماً يعاقب المتزوج عليه في الآخرة إذا يتفق ظلمه لزوجته، أو نوى بزواجه الاساءة إليها، أو لذوي قرباها.
لأنّ الزواج انما شرع لتحصين النفس، وبقاء النسل، وتحصيل الثواب... إلخ.
وهو بالجور يرتكب المحرمات فتفوت المصلحة التي من أجلها شرع الزواج، لرجحان المفاسد الناجمة من الجور عليها.
وقد يكون فرضاً يثاب فاعله، ويعاقب تاركه إذا كان الزوج مع قدرته على واجبات الزوجية يتيقين الوقوع في الزنا إذا لم يتزوج.
ويكون سنة مؤكدة حال الاعتدال فيأثم بتركه، ويثاب ان نوى تحصيناً.
ومن أوضح الدلائل، وأقوى الحجج على انّ الشريعة الإسلامية سمحة هو أقرارها حرية الرأي والاجتهاد في التشريع ما روعيت أصوله، وتحققت دعائمه وشروطه – اتساع باب العقوبات وتعدد وجوه التعزير فيها.
فإنّ العقوبات ان كانت مقدرة من الشارع على الجرائم المجترحة سميت حدوداً، وهي التي وردت في القرآن في حد الزنا، والقذف والسرقة، وقطع الطريق.
أما إذا كانت غير مقدورة فهي التي تسمى تعزيراً.
والتعزير هو تأديب بعقوبة غير مقدورة من الشرع ويجب بارتكاب معصية من المعاصي التي لا حد لها، كشهادة الزور، وايذاء مسلم أو ذم بقول أو فعل، ومنه سب المحصن بغير الزنا، والنظر إلى الأجنبية والخلوة بها، وسرقة ما لا قطع فيه. وتعزير العقوبات على المعاصي والمحرمات، أو ترك الواجبات التي لم يرد في النصوص الشرعية عقوبة معينة لها – يرجع إلى اجتهاد الأئمة وأولي الأمر في كل زمان ومكان.
وتختلف باختلاف أحوال الجرائم وكبرها وصغرها، وبحسب حال المذنب نفسه.
ولذلك كان التعزير من أوسع الأبواب في الشريعة الإسلامية.
ولا يخفى انّ الشريعة الإسلامية تسع كل ما يقر العدالة، وينشر ظلالها على الناس.
فوجب جعلها الدعامة الأولى، والأساس الأول، وفي تشريع القوانين، ولا شك أن فيها غنى عن كافة القوانين الأخرى، مدنية كانت أو جنائية.
ومما يميز الشريعة الإسلامية، ويفضلها على بقية الشرائع، انها جعلت العرف أساساً من أسس التشريع، إذا لم يخالف نصاً صريحاً حتى جعل الفقهاء الإسلاميون العرف والعادة قاعدة من قواعدهم، بنوا عليها كثيراً من أحكام الفروع الفقهية، وجرت على ألسنتهم في عبارات مختلفة لفظاً متقاربة مآلا ومعنى.
هذا ويندهش من تطلع على كثرة المسائل الفقهية، والأحكام التشريعية، التي بناها علماء التشريع الإسلامي على العرف والعادة، إذا اعتبروهما أساساً من أسس التشريع وفق شروطها اللازمة لها.
ولا مجال للإندهاش متى ما علم انّ القانون الصالح هو الذي تراعي فيه أحوال الأمة الاجتماعية والاقتصادية وعادتها العامة، على أن تكون في ذلك اقرار مفسدة، أو تعطيل مصلحة.
ومن جهة أخرى: فإنّ النزع من العادة الظاهرة، وإقصاء الناس عن العرف العام – في غير حاجة ورورة – فيه جرح لهم.
ولا شك أنّ أصلح الشرائع، وأجدرها بالبقاء ما روعي فيها اليسر وانتفى منها الحرج والعسر وذلك مالا تحققه أي شريعة في العالم سوى شريعة الإسلام.
فما بالنا نظلم الإسلام؟ ونظن به العصبية والجمود؟
ما بالنا نستحي به؟ ونحسبه يعود بنا إلى الوراء؟
والإسلام مذ كان دين سماحة وعقل وتقدم!.
ألا لقد آن لنا أن نفهم الإسلام على وجهه، وأن نعرفه على حقيقته، ونأخذه من منابعه، ولا من أفواه الناس، ولا من أشباه الكتب. وأن نعتز بالإنتساب إليه، وأن نرفع الرأس فخراً، وأن نجعله أمامنا في حياتنا، وأن نكون من حزبه.
(فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة/ 56).
إنّ محمداً (ص) علمنا معنى العزة، والكرامة، وعرفنا قيمة العقل، والعلم...
وشرع الإسلام لنا شرعة الإيمان، والعدل، والإحسان...
فلنعد إلى ما شرع الله على لسان نبيه الكريم، ولنفتح في التاريخ صفحة مجد وسمو ونبل للإنسانية.
إلا أنّها كلمة صدق!.
إلا أنّه لا تصلح هذه الأمم، ولا يسود هذا العالم شيء من السلام والسعادة ما لم يهتدوا بهداية السماء، ولم ينجو مما وقعوا من المهالك والأخطار إلا باتباع شريعة الإسلام.
فإنّهم أن ابتغوا العزة بغيرها ذلوا.
من لنا بأن نجتلي هذه المثل العليا وأمثالها في سيرة من بلغت الإنسانية على الناس بلسانه لتكون لنا نوراً وهدى في مثل هذه الظلمات التي يتخبط فيها الناس.
وما لنا إلا أن نطلب من رب السماء أن يلهمنا الصواب، ويسدد خطانا في طريق الحق، ويهيء لنا من أمرنا رشداً.
فالشريعة الإسلامية أتت بصالح العالم، وسعادة الإنسان.
فقد جاءت الشريعة الإسلامية كثورة إصلاحية اجتماعية خطيرة لأنّها جاءت في مجتمع متأخر.
جاء الرسول الأعظم (ص) بهذه الشريعة الجامعة لكافة المحاسن والناس غاوون، لاهون، قد انغمسوا بالموبقات، وانتهكوا الحرمات، وارتكبوا كل منكر عمداً وخطأ.
وعملوا كل قبيح علماً، وجهلاً.
ليس لهم رادع ولا زاجر من أنفسهم أو من غيرها عما وقعوا فيه من تلك الفحشاء، وذلك المنكر، لا يرجعون إلى عقل، ولا يفيقون من سكر.
فجاءت الشريعة الإسلامية واقعية، عملية، تطورية.
فهناك قواعد، وتشريعات جاء بها الإسلام، ولو طبقها المسلمون بدقة لأستمر مجتمعهم على التطور والتقدم.
وفي الشريعة الإسلامية ثروة عظيمة، وتفكير عميق يفوق في ثروته أي تشريع آخر عرفته البشرية.
وما الاجتهاد لدى المسلمين إلا وسيلة عملية لنمو ورقى المجتمع الإسلامي، والذي يجعل من المجتمع مجتمعاً متديناً تقديماً.
وما يسود بعض المجتمعات الإسلامية اليوم من علبة التأخر والجمود والكسل عليهم انما سببه الجهل، والتعقب والأنانية التي تجد في الجمود هذا مركباً يوصله إلى الاطماع والأغراض الزائلة.
ويمتاز المجتمع الإسلامي بأنّه وجد على أساس محاربة التفرقة العنصرية، والعصبية القبلية، ونشر التقوى والخير والتعاون والإخاء بين المسلمين.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ...) (الحجرات/ 13).
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات/ 10).
(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ...) (المائدة/ 2).
إنّ الدين الإسلامي يكرم الفرد، ويعتبره خليفة في الأرض فيما إذا عرف الإنسان واجبه، فقام بأدائها على الوجه المطلوب.
ومما يميز الإسلام عن غيره من الأديان هو انّ المسؤولية فيه فرديّة واجتماعية.
فكل منّا مسؤول عن نفسه وعن أعماله كما أنّه مسؤول عن صلاح مجتمعه بالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر، لقوله تعالى: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا * مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا * وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) (الإسراء/ 13-16).
ومن مزايا الإسلام انّه يعني بالعائلة عناية فائقة.
فقد اعترف بكيان المرأة وحدد تعدد الزوجات، بل وضع الأسس لمنع التعدد، ثمّ منع قتل الأطفال ولا سيما البنات. وأوجب التعاطف والتربية بين أفراد العائلة، كما اعتبر الطلاق علاجاً اضطرارياً إذا تعذر الأصلاح والتصالح بين الزوجين وضمن العناية بالطفل في حالة الطلاق.
ثمّ جاء محرماً للزواج في داخل الأسرة:
كالزواج بالأم، والأخت، والعمة، والخالة، والأم بالرضاعة. إلخ ووضع القوانين اللازمة للأرث وأوحى كثيراً بالعناية باليتيم وعدم التعرض لمال اليتيم إلا بالحسنى.
ففي الإسلام قوانين سوف يثبت الزمن قيمتها الاجتماعية لمن لم يثبت لديه ذلك بعد.
وهي قابلة للتكيف والتطور مع التقدم العلمي والاجتماعي في المجتمع، وهذه ميزة لم ترد في أيّة عقيدة أو مبدأ أو دين أو شريعة حتى اليوم.
والفرد والأسرة هما الدعامتان الرئيسيتان في تقويم المجتمع الإسلامي.
بصلاحها وقوتها يصطلح المجتمع ويقوى والعكس بالعكس.
ومن محاسن الشريعة الإسلامية محاربتها الرذائل ومقاومتها لها ذلك كالاعتداء، والفتنة، والحسد، والبخل، والبغي، والخيانة، والكبر، والكذب، والظلم.
ولم تكتف في محاربة الرذائل والفواحش، والجرائم، والمآثم فحسب، بل جاء بكل فضيلة، وحاز كل صفة حميدة أراد للإنسان فيها السعادة والحياة الهنيئة، وللمجتمع الرقي، والآداب، والأخلاق.
وحاول الإسلام بشريعته أن يضارع الإنسان الملائكة في صفاته وفاضل أخلاقه وعاداته.
فأين الذي يسمع ويعمل؟
وأين الذي يعي ويجيب؟
فها هو الإسلام ينادي بالسخاء: (وانفقوا في سبيل الله).
وها هو الإسلام ينادي بحسن الخلق، والإحسان والعفو، وحسن القول، والخير، والحق، والأمر بالمعروف، والإصلاح، والوفاء بالعهد، والعدل، وأداء الأمانة، والعالم، والإرشاد.. إلخ.
المصدر: كتاب الإيمان والعلم الحديث