مؤثرات في التربية
هناك بعض العوامل المؤثّرة في التربية:
هناك ثلاث مسائل يمكن لها أن تلعب دوراً كبيراً في تكوين وتركيب شخصية الطفل. إلّا أنّ تأثير هذه المسائل الثلاث، لا يعني أبداً أنّه يخرج عن كونه مختاراً. فلو فرضنا أنّ ولداً تأثّر بجوّ معيّن وانحرف عن جادّة الصواب، فإنّ ذلك لا يعني أنّه مجبر على سلوك درب الانحراف، بل إنّ الظروف المحيطة به ساعدته على الوقوع بسوء الاختيار والانحراف.
ولأجل أهمية هذه الظروف الثلاث، ينبغي للأهل أن يلتفتوا إليها، لأنّ الأهل بالدرجة الأولى هم مسؤولون عن مراقبة وصيانة الظروف المحيطة بأولادهم وعن تربيتهم والإشراف عليهم، وأمّا الظروف الثلاث فهي:
1- الأبوان:
إنّ الأبوين في عيني الولد هما الأنموذج الكامل، وأوّل قدوة يحاول أن يقلّدها، ولذا فإنّ الطفل ينظر إلى أفعالهما على أنّها الأعمال الصحيحة، فلا يعتبر أنّ ما يقومان به هو أمر خاطئ بل إنّ معيار الصواب لديه هو نفس عمل الأبوين، ولذا فإنّ الأهل تقع عليهم المسؤولية تجاه الولد من عدّة جهات:
أ) اتّفاقهما واختلافهما:
فإنّ الولد حينما يفتح بصره على الحياة في ظروف مليئة بالتشنّج والتوتّر بين أبويه، ولا سيّما حينما يتشاجران أمام عينيه، هذا السلوك الخاطئ من الأهل، يجعل نفسيّة الولد مضطربة ومتوتّرة على الدوام.
ب) عدم التجاهر بالعادات القبيحة:
لأنّ الولد سيحمل معه هذه العادات لكونه يعتبرها من الكمالات لا من السيّئات، ولو تعوّد على فعلها منذ الصغر اقتداءً بذويه فإنّه وإن علم بقبحها في مرحلة وعيه، فإنّ من الصعب اقتلاعها حينئذٍ، ويتحمّل الأهل مسؤوليّة ذلك، ولا سيّما إذا كانت العادات هذه من المحرّمات الشرعية بناءً على قاعدة الحديث الشريف المرويّ عن الرسول الأكرم (ص): "... إيّاك أن تسنّ سنّة بدعةٍ فإنّ العبد إذا سنّ سنّةً سيّئةً، لحقه وزرها ووزر من عمل بها".
2- المدرسة:
المدرسة هي البيئة الثانية التي يأخذ منها الطفل علومه الأولى، ولذا فإنّ اختيار الأهل للمدرسة الملائمة للطفل له الدور الكبير في الحفاظ على سلامته الدينية بحيث يتربّى على المبادئ الصالحة التي يرغب الأبوان في أن يحملها ولدهما عند كبره، فإنّ المدرسة الجيّدة التي تربّي الأولاد على مبادئ الإسلام، هي الموضع الصالح الذي أشارت إليه الروايات؛ ففي وصيّة النبيّ (ص) لعليّ (ع) قال: "يا عليّ حقّ الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعاً صالحاً".
3- الأصدقاء:
على الأهل أن يلتفتوا جيداً إلى خطورة الأصدقاء، وإلى كيفية اختيار الطفل لهم، فإنّ الصديق يؤثّر على الصديق، ولذا أكّدت الروايات على اتّخاذ الصديق الحسن، ففي الرواية عن الإمام عليّ (ع): "ليس شيء أدعى لخير، وأنجى من شرٍّ، من صحبة الأخيار". كما أنّ الصديق السيِّئ يُفسد الجيّد كما تُفسد الفاكهة الفاسدة الفاكهة الجيّدة، ومن هنا كان التحذير في الروايات من صحبة الأشرار، ففي الحديث عن الإمام عليّ (ع): "صحبةُ الأشرار تُكسِبُ الشرّ، كالريح إذا مرّت بالنَتن حملت نتناً".
المصدر: كتاب في رحاب تربية الأبناء/ سلسلة المعارف الإسلامية