نبذة مختصرة عن حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله               ولادة الرسول الأكرم ومنطلقات الوحدة الإسلامية               النبوة لطف               التربية بالقدوة الحسنة               عملي وعملكم                كلّا إنّها كلمة هو قائلها                 الله والتغيير                التربية بالقدوة الحسنة                القرآن وتربية الإنسان                 الشّباب ووقت الفراغ               
  الرئيسية
  من نحن ؟
  من خدماتنا
  مواقع مهمة
  كشوف مالية بمساعداتنا
  المكتبة
  أنشطتنا
  المساهمات الخيرية
  الركن الاجتماعي
  أسئلة وأجوبة
  معرض الصور
  بحوث ومقالات
  اتصل بنا
 
عدد الزوار
183375
بحوث ومقالات > بحوث ومقالات أخلاقية
 
 
ذكر الموت
مكتب الشؤون الفقهية بأوقاف اللواتية - 2015/05/07 - [المشاهدات : 1008]
 

 

ذكر الموت

إنّ الاعتقاد بعالم ما بعد الموت وبقاء آثار الأعمـال البشـرية، وخلـود الأعمـال - سواء كانت خيراً أو شرّاً- يترك أثره العميق على فكر وأعصاب وجسد الإنسان، ويمكنه أن يكون عاملاً مؤثراً في التشجيع على الأعمال الحسنة.

إنّ تأثير الإيمان بالحياة بعد الموت في إصلاح الأفراد الفاسدين والمنحرفين وتشجيع الأفراد المضحّين والمجاهدين أكثر بكثير من تأثير المحاكم والعقوبات المعمول بها عادةً في الدنيا، للمزايا التي يتمتّع بها ذلك الإيمان عن المحاكم العادية، ففي محكمة المعاد لا وجود لإعادة النظر، ولا أثر للاضطهاد الفكري على صاحبها، ولا فائدة من إعطاء وثائق كاذبة ومزوّرة، ولا تستغرق - عبر روتينها- مدّة من الزمن.

القرآن الكريم يقول: (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ)(1).

كذلك يقول تعالى: ( وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ  وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)(2).

كذلك قوله تعالى: (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (3).

وإنّ حسابه تعالى سريع وحاسم كما نقلت بعض الرّوايات: «إنّ الله تعالى يحاسب الخلائق كلّها في مقدار لمح البصر» (4).

روي عن عبد الله بن مسعود قال: إنّ أحكم آية في القرآن: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) . وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يسميها «الجامعة»(5) . وحقّاً، لو تدبر الإنسان في محتوى هذه الآية تكفيه دافعاً إلى طريق الخير وناهياً عن طريق الفساد والانحراف.

لذا ورد أنّ رجلاً حاء النّبي "صلى الله عليه وآله" وقال له: علمني ممّا علمك الله.

فأوكله النبي "صلى الله عليه وآله" إلى أحد أصحابه ليعلمه القرآن، فعلمه: (إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا) إلى آخر السورة، فنهض الرجل وقال: هذه تكفيني ... وفي رواية قال: تكفيني هذه الآية.

فأخبر بذلك النبي "صلى الله عليه وآله" فقال: «دعه فقد فقه الرجل» (6).

وعن أبي سعيد الخدري قال: لما أنزلت هذه الآية: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) قلت: يا رسول الله إنّي لراء عملي؟ قال: نعم. قلت: الكبار الكبار؟ قال: نعم. قلت: الصغار الصغار؟ قال: نعم. قلت: واثكلى أُمي، قال: أبشر يا أبا سعيد فإنّ الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سبعمائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفو الله، ولن ينجو أحد بعمله. قلت: ولا أنت يا نبي الله؟ قال: ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله منه بالرحمة (7).

 نزّين هذه الرّوايات بقول لسلمان الفارسي تلميذ مدرسة الوحي جواباً لرجل استهدف اهانته وقال له: من أنت، وما قيمتك! فقال: «أمّا أولي وأولك فنطفة قذرة، وأمّا آخري وآخرك فجيفة منتنة، فإذا كان يوم القيامة ونصبت الموازين، فمن ثقلت موازينه فهو الكريم، ومن خفت موازينه فهو اللئيم) (8).

وقد اعتبر القرآن الكريم أنّ سبب الكثير من الذنوب هو نسيان يوم الجزاء، فقال تعالى: (فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا) (9).

حتّى أنّه يستفاد من بعض الآيات أنّ الإنسان إذا كان معتقداً بالقيامة فإنّه يمتنع عن القيام بالكثير من الأعمال المخالفة، فقد ورد في وصفه تعالى لمن يُخسرون الميزان في البيع قوله: (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) (10).

والحماسة الخالدة لمجاهدي الإسلام سابقاً وحاضراً في ميادين الجهاد، والتضحية والفداء والإيثار الذي يظهره الكثير من المسلمين في الدفاع عن بلدان الإسلام وعن المحرومين والمستضعفين، يدلّل على أنّه بجميعه إنعكاس لحالة الإعتقاد بالحياة الخالدة في الدار الآخرة، وقد دلّت الدراسات من قبل المفكّرين، والتجارب المختلفة على أنّ تلك المظاهر لا يمكن أن تكون - في المقياس الواسع الشامل- إلاّ عن طريق العقيدة بالحياة بعد الموت.

فإنّ المجاهـد الذي منطـقه: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ)(11)، أي الوصول إلى إحدى السعادتين إمّا النصر أو الشهادة، وهو قطعاً مجاهد لا يقبل الهزيمة.

إنّ الموت الذي يبعث على الوحشة لدى الكثير من الناس، وحتّى أنّهم يحاذرون من ذكر إسمه أو كلّ ما يذكّر به، ليس موحشاً ولا قبيحاً بالنسبة إلى المعتقدين بالحياة بعد الموت، بل إنّه بالنسبة إليهم نافذة على عالم رحيب، وتحطّم القفص الدنيوي وكسر قيود الماديّة التي تأسر الروح، وبلوغ الحريّة المطلقة.

إنّ مسألة المعاد تعتبر الخطّ الفاصل بين الإلهيين والماديّين، لوجود نظرتين مختلفتين هنا:

فالمادّي يرى الموت فناءً مطلقاً، ويفرّ منه بكلّ وجوده، لأنّ كل شيء سينتهي به.

والإلهي يرى الموت ولادة جديدة، وولوجاً في عالم واسع كبير مشرق، والانطلاق في السماء اللامحدودة. ومن الطبيعي فإنّ المعتقدين بهذا المذهب لا يفسحون المجال للخوف والوحشة للدخول إلى أنفسهم عند سلوكهم طريق الموت والشهادة. بل إنّهم يستلهمون من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام : «والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمّه» (12) ويستقبلون الموت في سبيل الهدف برحابة صدر. ولهذا فإنّ أمير المؤمنين حينما تلقّى الضربة السامّة من اللعين الخاسر «عبدالرحمن بن ملجم» لم يقل سوى «فزت ورب الكعبة».

خلاصة القول: فإنّ الإيمان بالمعاد يجعل من الإنسان الخائف الضائع إنساناً شجاعاً شهماً هادفاً، تمتلئ حياته بالحماسة والتضحية والصدق والتقوى. (*)

_________________

(1)البقرة: 48.

(2)يونس: 54.

(3)إبراهيم: 51.

(4) مجمع البيان ج1 ص 298.

(5)تفسير نور الثقلين ج5 ص 164.

(6) تفسير روح البيان ج 10 ص 495.

(7)تفسير الدر المنثور ج 8 ص 594 .

(8) تفسير نور الثقلين ج 5 ص 66.

(9) السجدة: 14.

(10)المطففين : 4 .

(11)التوبة: 52.

(12)نهج البلاغة الخطبة: 5 .

(*) المصدر كتاب الكشكول الأخلاقي لآية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.

 
 
أضف تعليقاً
الاسم
البريد الإلكتروني
التعليق
من
أرقام التأكيد Security Image
 
 
 
محرك البحث
 
القائمة البريدية
 
آخر المواقع المضافة
موقع مكتب آية الله العظمى السيد الشبيري الزنجاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشّاهرودي
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
 
آخر الصور المضافة
 
آخر الصوتيات المضافة
الإمام المجتبى عليه السلام بين حكم التاريخ وحاكميته
ضوابط قرآنية في حل المشكلات
الإمام الصادق عليه السلام ومحاربة الإنحراف
من ثمار التقوى
وقفات مع علم النفس القرآني
 
آخر الكتب المضافة
العبادة والعبودية
آية التطهير فوق الشبهات
إرشاد الحائر إلى صحة حديث الطائر
حديث الغدير فوق الشبهات
رسالة مختصرة في الفطرة والمشكلة الإنسانية
 
آخر الأسئلة المضافة
س:

  هل یجوز للرجل الزاني الزواج بابنة المراة التي زنا بها؟

ج:

  یجوز والاحوط استحباباً تركه.