من حقوق الأبناء على الوالدين
بقلم الشيخ حسن عبدالله العجمي
إن الشريعة الإسلامية كما أنّها جعلت للوالدين حقوقاً على الأبناء فكذلك جعلت للأبناء حقوقاً على الوالدين، وأهم هذه الحقوق:
(1)_ حق اختيار الوالدين أحدهما للآخر:
تبدأ حقوق الأبناء في الشريعة الإسلامية في مرحلة مبكرة قبل زواج الوالدين وذلك بحسن اختيار كل واحد منهما للآخر، فعلى الرجل أن يختار المرأة التي يريد أن يقترن بها كزوجة والتي ستكون أماً لأبنائه، وكذلك على المرأة أن تختار الرجل الذي ستقترن به كزوج والذي سيكون أباً لأبنائها، وذلك وفق سمات وصفات أرشدت إليها الشريعة الإسلامية .. وأهم هذه الصفات :
التدين:
فأول صفة ينبغي للرجل أن يختار المرأة وفقها هي صفة التدين، فقد ورد عن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" أنه قال: (تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ) .
وقال "صلى الله عليه وآله": (لَا تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ، فَعَسَى حُسْنُهُنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ، وَلَا تَزَوَّجُوهُنَّ لِأَمْوَالِهِنَّ، فَعَسَى أَمْوَالُهُنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ، وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ، وَلَأَمَةٌ خَرْمَاءُ سَوْدَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ) .
فالإسلامُ يُوجّهُ الرجلَ إلى أنّ أهمَّ صفةٍ ينبغي عليه البحثُ عنها في المرأة التي يريد الزواج منها هي صفةُ التدين، وأن يكون البحثُ عن الصفات الأخرى كالجمال وغيرِه بعد صفة التدين، والمراد بالمرأة المتدينة، هي المرأةُ المسلمةُ الملتزمةُ بالدين الفاعلةُ للواجباتِ التاركةُ للمحرمات، وأهم ثمار الاقتران بمثل هذه المرأة:
1- أنها تكون محافظةً على عرضها وشرفها وكرامتها، وزوجُها مطمئنٌ لها من هذه الناحية وذلك لمكان التزامها بالدين، وهذا مما يكسب الحياةَ الزوجيةَ استقراراً واستمراراً وبقاءً واطمئناناً وثقة .
2- أنها تحافظُ على بيت زوجها وأموالِهِ وما يختص به مما هو تحت إشرافها ونظرها في البيت.
3- أنها تهتم بتربية أبنائها، فتربيهم تربية إسلامية صحيحة وفق المنهج الإسلامي، وتحرص على أن يكونوا مثلها ملتزمين بالدين والإسلام .
4- أنها تقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بيتها، فإذا ما رأت من زوجها أنه كان تاركاً لمعروف أو فاعلاً لمنكر فإنها تقوم بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وكذلك إذا ما صدر من أبنائها شيءٌ من ذلك فإنها تقوم بواجبها الشرعي تجاههم، فـتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، فهي خيرُ من يسلُكُ بالزوج والأبناءِ إلى طريق النجاة وسبيلِ التقوى والورعِ والكمالِ الإنساني، ويؤمّنُ له ولأبنائه أسبابَ السعادة .
أما المرأة غير المتدينة، التي لا تلتزم بالدين الفاعلة للمحرمات التاركة للواجبات أو التي تكون مبعضّة في التدين ملتزمة ببعض الواجبات وغيرَ ملتزمة ببعضها الآخر، تاركة لبعض المحرمات غير تاركةٍ لبعضها، هذه المرأة في أغلب الحالات تكون عكسَ المرأة المتدينة، فمثلاً إذا كانت غير ملتزمة بالحجاب الإسلامي فإن بناتها في أغلب الحالات يكنّ مثلها، فهي لا تربي بناتها على الالتزام بالحجاب لأنها هي غير ملتزمة به، وكذلك هي قدوةٌ سيئةٌ لبناتها من هذه الجهة.
والمرأة غيرُ المتدينة التي لا تؤدي الصلاة أو تتكاسل أحياناً عن أدائها، فإنها لا تحث أبناءها على الصلاة ولا تعلمهم إياها، والتي لا تؤدي فريضة الصوم تكون كذلك أيضاً، بينما المرأة المؤمنة الملتزمة تقوم بحث أبنائها على الصلاة والصوم وتعلمهم الأحكام المتعلقة بالتكاليف الشرعية بقدر معرفتها واستطاعتها .
وكذلك على المرأة أن تختار الرجل المتدين وهو الإنسان المسلم الملتزم بفعل الواجبات التارك للمحرّمات، فالمرءُ المتدين سيحرص على الالتزام بما عليه من حقوق وواجبات تجاه زوجته وأبنائه وسيقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بيته وهو قدوة حسنة لزوجته وأبنائه في تدينه والتزامه وسيره وسلوكه في طريق الحق والاستقامة..
فهذا نبينا الأكرم "صلى الله عليه وآله" يوجه أولياء الأمور إلى تزويج بناتهم إلى الشخص المتدين فيقول "صلى الله عليه وآله": (إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلاّ تفعلوا ذلك تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
أما الرجل غير المستقيم على جادة الشريعة الإسلامية المتجرء على الله بفعله للمحرمات فإنه سيكون قدوة سيئة لأبنائه ولن يهتم بتربيتهم وتنشئهم على الالتزام بالدين ولا بتعليمهم شيئاً من أحكام الشريعة وفرائض الله تعالى التي أوجبها عليهم .. ولقد ركزت الروايات على عدم تزويج أشخاص يمارسون ذنوباً مخصوصة كالروايات التي تحذر أولياء الأمور من تزويج شارب الخمر، فعن الإمام الصادق "عليه السلام" قال: (من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها)
وعن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" أنّه قال: (من شرب الخمر بعدما حرّمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوّج إذا خطب)
2- الأخلاق الحسنة :
الصفة الثانية التي ينبغي للرجل أن يبحث عنها في المرأة هي أن تكون متخلّقةً بالأخلاق الفاضلة الحسنة لأنها سوف تتعامل مع زوجها بهذه الأخلاق وستربي أبناءَها على التخلق بمثلها يقول الشاعر :
وليس ربيب عالية المزايا ** كمثل ربيب سالفة الصفات
أي ليس أبناءُ المرأة ذاتِ الأخلاقِ الفاضلةِ الحسنةِ من حيث الأخلاق مثلَ أبناء المرأة ذات الأخلاقِ الفاسدةِ، فأبناء المرأة ذات الأخلاق الفاضلة عادة ما يكونون مثل أمهم أخلاقهم حسنة وفاضلة، وأبناء المرأة سيئة الأخلاق أيضاً عادة ما يكونون مثلها، لأن المرأة المتصفة بالأخلاق الفاضلة تكون قدوة حسنة لأبنائها بأخلاقها وتعلمهم وتربيهم عليها، والمرأة سيئة الأخلاق تكون بأخلاقها السيئة قدوة سيئة لأبنائها يقتدون بها في أخلاقها السيئة.
وكذلك على المرأة أن تختار الرجل صاحب الأخلاق الحميدة لأنه سيتعامل معها على أساس هذه الأخلاق فلن يظلمها أو يعتدي على شيء من حقوقها وسيحرص على أن يكون أبناؤه مثله في أخلاقهم .. وقد مر علينا حديث النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" (إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، إلا تفعلوا ذلك تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
3-النسب:
وعلى الرجل أن يختار زوجته والتي ستكون أمّ أبنائه من عائلة غير مخدوشة في نسبها وشرفها، يقول النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" : (إِيَّاكُمْ وَ خَضْرَاءَ الدِّمَنِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ مَا خَضْرَاءُ الدِّمَنِ؟ قَالَ: "الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السَّوْءِ").
وقال "صلى الله عليه وآله" أيضاً: (اختاروا لنطفكم، فإن الخال أحد الضجيعين).
وقال "صلى الله عليه وآله": (اختاروا لنطفكم فإن العرق دسّاس)
وكذلك على المرأة أن تختار الرجل من عائلة ذات سمعة حسنة غير مقدوح في شرفها لأن السمعة الحسنة لعائلة الأب والأم تنعكس إيجابياً على الأبناء، بينما سمعتها السيئة تنعكس سلبياً عليهم، ويخلف ذلك لديهم الكثير من العقد النفسية والأمراض الروحية خصوصاً إذا كانوا متناولاً لألسنة الناس بسبب سمعة عائلة أبيهم أو أمّهم السيئة .
(٢)- اختيار الإسم الحسن:
لقد ورد في الروايات أن من حق الولد على أبيه أن يحسّن إسمه، ففي الرواية عن الإمام الكاظم "عليه السلام" قال ( أوَّلُ ما يَبَرُّ الرَّجُلُ وَلَدَهُ أن يُسَمِّيَهُ بِاسمٍ حَسَنٍ، فَلْيُحَسِّنْ أحَدُكُمُ اسمَ وَلَدِهِ ).
وفي وصية النبي "صلى الله عليه وآله" للإمام علي "عليه السلام": ( يا علي، حق الولد على والده أن يحسّن إسمه وأدبه، ويضعه موضعاً صالحاً، وحق الوالد على ولده أن لا يسميه باسمه، ولا يمشي بين يديه، ولا يجلس أمامه، ولا يدخل معه الحمام، يا علي، لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما، يا علي، يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما، يا علي، رحم الله والدين حملا ولدهما على برهما، يا علي من أحزن والديه فقد عقهما).
(٣)-التربية الصحيحة:
ومن حقوق الأبناء على الوالدين أن يقوما بتربية أبنائهما تربية صحيحة سليمة، والمراد بالتربية الصحيحة هو الاهتمام بالجانب الجسدي والجانب النفسي، الجانب المادي والجانب الروحي.
فبالنسبة للاهتمام بالجانب الجسدي فعلى الأب رعاية الجانب الجسدي لأبنائه بتوفير المأكل والملبس والمسكن والعلاج وغير ذلك من الأمور مما يتعلق بهذا الجانب، ونلفت نظر الآباء أنه لا بد أن يكون الصرف على الأبناء من الحلال لأن الحرام له تأثيرٌ خطيرٌ وكبيرٌ عليهم، فعن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" أنه قال :( حق الولد على والده أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية وأن لا يرزقه إلاّ طيب)
إن بعض الآباء يصرف على أبنائه من المال الحرام يطعمهم من الحرام ويلبسهم من الحرام ويسكنهم كذلك في مسكن بني من المال الحرام، إن مثلَ هذا الأب مقصرٌ في حقوق أبنائه ومأثومٌ ومعاقبٌ على أنه أطعمهم وكساهم من الحرام وأسكنهم في الحرام ، فالحرام كما أسلفت له تأثيرٌ كبيرٌ على الأبناء.
إن الأبَ المسلمَ المؤمنَ هو الذي يحرص على أن لا يدخل جوفَ أبنائه شيء من الحرام فيروى أن أحد الصحابة من الأنصار، اسمه أبو دجانة الأنصاري كان مواظباً على صلاة الفجر جماعة خلف النبي "صلى الله عليه وآله"، ولكنه كان يخرج مسرعاً بعد انتهاء الصلاة مباشرة، فأوقفه النبي "صلى الله عليه وآله" يوماً وسأله قائلاً: يا أبا دجانة، أليست لك عند الله حاجة؟ فقال أبو دجانة: يا رسول الله إنه ربي ولا أستغني عنه طرفة عين، فقال "صلى الله عليه وآله": إذاً لماذا لا تنتظر حتى تختم الصلاة ثم تدعو الله بما تريد؟ قال أبو دجانة: إن لي جاراً من اليهود، وله نخلة يمتد فروعُها في صحن داري فإذا هبت الريحُ ليلاً أسقطت رطبها عندي، لذلك أخرج مسرعاً لأجمع ذلك الرطب وأردّه إلى صاحبه قبل أن يستيقظ أطفالي فيأكلوا منه وهم جياع، وأقسم لك يا رسول الله إنني رأيت أحَدَ أولادي يمضغ تمرةً فأدخلت إصبعي في حلقه فأخرجْتُها قبل أن يبتلعها، ولما بكى ولدي من الجوع، قلت له: أما تستحي من وقوفي أمام الله سارقاً .
فانظروا كيف كان هذا المسلمُ حريصاً على أن لا يدخل جوفَ أبنائه الحرام لعلمه ما يخلفه من أثر سلبي عليهم .
والمراد بالاهتمام بالجانب الروحي للأبناء هو:
أولاً : أن يقوم الوالدان بغرس العقيدةِ الصحيحةِ في نفوس أبنائهما فيبينا لهم ما هي العقيدة الصحيحة وما هي العقيدة الفاسدة، يدلان أبناءهما على ربهم وكيف يوحدونه في جميع المقامات، في مقام الذات والصفاتِ والأفعالِ والطاعة والعبادةِ وغيرِها، ويغرسان في نفوسهم الاعتقادَ بالأنبياء وأنهم رسلٌ من الله سبحانه وتعالى أرسلهم لهداية الناس إلى الحق والطريق المستقيم، وأن آخرهم وخاتمهم هو نبي الإسلام محمد "صلى الله عليه وآله"، والاعتقادَ بالأئمة الإثني عشر خلفاءِ النبي المصطفى "صلى الله عليه وآله" أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" وآخرُهُم الإمام المهدي المنتظر "عجل الله تعالى فرجه الشريف" والاعتقادَ بالآخرة والجزاءِ فيها إلى غيرها من الأمور الأخرى مما يَلزم الإنسانَ المسلمَ الإيمانَ والاعتقادَ به .
ثانياً: على الوالدين أن يعلما أبناءهما ما عليهم من واجبات وفرائض، وكيف يؤدونها بالشكل الصحيح والمطلوبِ شرعاً، كالصلاة وغيرها من العبادات والفرائضِ الأخرى.
ثالثاً: أن يغرسا في نفوس أبنائهما الأخلاقَ الفاضلةَ الحميدةَ الحسنةَ ويشجعانهم على ممارستها والتخلقِ بها، وينهيانهم عن الأخلاق والصفاتِ الفاسدةِ والرذيلةِ.
ولكي يقوى الجانب الروحي وتنمو التقوى ويكبر الورع في نفوس الأبناء على الوالدين:
1- أن يشجّعا الأبناء على تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى، والتدبر في آياته، فإن لقراءة القرآن الكريم والتدبر في آياته أثر عظيم على الجانب الروحي للإنسان، فقراءة القرآن الكريم بتدبر وتمعن تكسب العبد العلم والمعرفة الذي بدوره يؤدي إلى تقوية إيمانه ورفعِ حالةِ التقوى والورع عنده.
2- على الأب أن يصطحب أبناءَه الذكور إلى المسجدِ ويجعلهم يمارسون عبادة الصلاة فيه، لأن لذلك أثراً إيجابياً على الجانب الروحي للأبناء، إضافة إلى أنهم سيتعوّدون على ممارسة هذه الشعيرة في المسجد .
3- على الأب أن يصطحب أبناءه الذكور إلى الأماكن التي تلقى فيها الدروس والمحاضرات الدينية كالحسينيات وغيرها، وكذلك على الأم أن تصطحب بناتها معها عند ذهابها إلى هذه الأماكن فإن تعويدهم على الذهاب إلى مثل هذه الأماكن والحضور إلى مثل هذه الدروس سيربطهم بها وسيتعوّدون في مستقل حياتهم على الحضور إليها.
٤ - على الوالدين أن يوفرا لأبنائهما الكتبَ الدينيةَ والثقافيةَ المناسبةَ لأعمارهم والتي تنمي لديهم الجانبَ الروحيَّ وتكسبهم الثقافةَ الإسلاميةَ وتغرسَ في نفوسهم العقيدةَ الصحيحةَ ومفاهيمَ الدينِ الحنيفِ.
إضافة إلى كل ذلك على الوالدين أن يبعدا أبناءهما عن كل ما من شأنه أن يَحْرِفَهم ويَجْرِفهم عن الالتزام بتعاليم الشريعة الغراء، فعليهما أن لا يسمحا لأبنائهما إلاّ بمصاحبة ومصادقةِ الأشخاصِ الصالحين المستقيمين على جادة الشريعة الإسلامية، ويبعدانهم عن مصاحبة الفاسدين وغير الملتزمين بالدين، لأن الصاحب والصديقَ له تأثير على من صديقه وصاحبه، فإن كان الصاحبُ والصديقُ شخصاً متديناً ملتزماً بالدين فإنه سيؤثر في صديقه وصاحبِهِ، وإن كان عكس ذلك فإنه سيؤثر فيه أيضاً.
يقول الشاعر :
لا تربط الجرباءَ حول صحيحة * * خوفي على تلك الصحيحة تجرب
كما أنّ بعض الآباء والأمهات يسمحون لأبنائهم بمشاهدة برامج القنوات الفضائية بشكل مطلق دون رقابة عليهم، وهذا له أثر سلبي وخطير جداً عليهم، إن برامج القنوات الفضائية بها ما هو صالح كالبرامج الثقافية العلمية، والأخبار والمسلسلات التاريخية وغيرها، ومشاهدة مثل هذه البرامج له أثر إيجابي فهو ينمي الجانب الثقافي عند الأبناء، إلاّ أنّ هناك برامجاً أخرى مثل مسلسلات العشق والحب وأفلام الغرام، فهذه له أثرٌ سلبي خطيرٌ جدا على الشباب من الجنسين الذكورِ والإناث، كما أن هناك أفلامَ العنفِ والجريمةِ وهذه الأفلام تعلم العنف والجريمة، فعلى الوالدين جميعاً أن لا يسمحا لأبنائهما بمشاهدة مثل هذه البرامج بل عليهم أن يراقبا أبناءهما من هذه الناحية فيسمحان لهم بمطالعة ما هو نافع من البرامج ويبعدانهم عن كل ما له تأثير سلبي على إيمانهم وتقواهم وسلوكياتهم وما يجرهم إلى الانحراف وعدم التقيد بالدين والالتزام بتعاليمه.
وأخيراً أقول: من الأخطاء التي يرتكبها الآباء في حق أبناءهم أن بعضهم يسمح لأبنائه بالسهر خارج المنزل إلى وقت متأخر من الليل، بل إنّ بعضهم لا يعلم متى يخرج ابنه من البيت ومتى يدخل ومع من يذهب وإلى أين يذهب وبعد فترة يجد أن ابنه قد انحرف وانجرف مع الفاسدين، ويجده يمارس العادات السيئة والأخلاق الفاسدة، ويندم الأب حينها، ولات حين مندم.
إن الأبناءَ أمانةٌ في أعناق الآباء فلا بد من المحافظة على هذه الأمانة، فإن الإنسان مسؤول عن ذلك يوم القيامة، فقد ورد في الروايات أن على الصراط عقبةً تسمى عقبةُ الأمانة لا يجتازها عبد قد خان الأمانة في هذه الحياة الدنيا إلاّ بعد أن يتخلّص من تبعات خيانته لها، والله سبحانه وتعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).